أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

حقيقة الحياة التي نعيشها ..


   

  قال الأولون : إن كنت فقيراً فهناك من هم أفقر منك ، وإن كنت ضعيفاً فهناك من هم أضعف منك ، وإن كنت حزيناً متألماً فاعلم أن هناك الكثير ممن هم يتألمون أكثر منك.. ولكن إن كنت قوياً وغنياً وسليماً وذا عقل تستخدمه فاعلم أن هنالك دوماً من هو أقدر منك. 

  الشاهد من الموضوع أن هناك حقيقة واضحة دائماً نتناساها أو ربما ننساها في زحمة الحياة الدنيا .. تلكم الحقيقة هي أنك لست الوحيد في هذا العالم أو الحياة ، الذي يعاني فقط أو يتألم أو يشعر بالظلم أو يمرض أو يتكدر، أو غير ذلك من سلبيات ومآسٍ وقساوة من العيش عميقة..

   أقول بأنك لست الوحيد بل لن تكون الوحيد المظلوم والمتألم والمتكدر ، لأنه لو صح رأيك أو زعمك وأنك الوحيد فعلاً ، فإنك لم تكن لتصل بك الأمور إلى ما أنت تشعر به الآن !؟ أتدري لماذا ؟ لأنه ليست هناك من حاجة عند أي أحد يعيش حياة هانئة ومنصفة لا قسوة فيها أو ظلم أو كدر، فلن تجد من يأتي ويظلمك أو يقسو عليك أو يضرك بشيء، إلا من به خلل في تكوينه النفسي وهذا ليس قاعدة يمكن أن نبني الأحكام وفق تصرفاته ، لكن الحقيقة والأصل أن الإنسان لا يظلم غيره ما لم يجد الدافع الى ذلك،  بل لماذا يفعل ذلك ويظلم مثلاً ، وهو يعيش تلك الحياة التي نطمح إليها جميعاً ؟ أو هكذا الأصل أو الفطرة السليمة ، ولكن مع ذلك ستقول لي إن هناك من تتوفر فيهم كل تلك الصفات ولكن مع ذلك يتلذذون بتعذيب الآخرين وتكدير صفو حياتهم.. فأقول لك نعم، هذه قصة أخرى أتفق معك عليها. 

  إن مآسينا ومشاكلنا ومظالمنا كلها إنما نتاج لأمراض متغلغلة في نفوس البعض الذي يتلذذ بتعذيب الآخرين ..أمراض الحقد والحسد والبغضاء واللؤم والغدر وغيرها كثير .. إنها هي الأمراض التي تتسبب في أن يكون هناك ظالم وقاسٍ ومتجبر وفاحش عنيد. ولو أن القلوب صافية لا غل فيها ولا حسد ولا حقد، والعقول متفرغة للتنمية والإنتاج وخير البشر، لم تكن لتجد ضحايا لأولئك الظلمة والمتجبرين والمجرمين

   من هنا أريد أن أصل بكم إلى حقيقة دنيوية ، كثيراً ما نغفل أو نتغافل عنها أحياناً ، مفادها أن هذه الدنيا هي دار كد وكدر، وتعب ونصب، وإعياء وعدم استقرار، وأن حياةً هذه صفاتها ومظاهرها ، فلا عجب أن تجد فيها مرضى قلوب ومرضى عقول ، لا همَّ لديهم سوى إلحاق الضرر بالآخرين والانتعاش على حساب كدر الآخرين .. فالصبر والتصابر ها هنا إذن هما العلاج الطبيعي لمثل هذه المشاعر إن كنت أحد الذين يستشعرها ويحملها..

   لا تنتظر يوماً تكون بلا كدر ولا تعب ولا ألم ، ولكن كلما صبرت وتصابرت، اشتد إيمانك وقويت إرادتك وفهمت حقيقة الحياة الدنيا، التي ما هي إلا قنطرة لحياة أخروية نتمنى كسب خيرها ونعيمها.. تلك الحياة التي بكل تأكيد لن تكون فيها أي من تلك التي تعانيها أو عانيتها من ذي قبل.. حياة نعيم خالدة، حيث رضوان من الله على من يعيشها يومئذ.. ولمثل ذلك ندعو، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.