أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 9 يناير 2013

الخروج عن المألوف يجذب الألوف !!


تصور معي المشهد التالي :
  لو أصابك ألم معوي شديد لا قدر الله، جعلك لا تتحرك من مكانك من شدته، فإن من حولك ساعتئذ سيقوم على الفور بحملك إلى سيارته أو سيارتها ونقلك إلى طوارئ أقرب مستشفى، وغالباً يكون شخص ثالث معكما ليقوم بمرافقتك إلى المستشفى، ريثما يعود صاحب السيارة إليكما بعد أن يركن سيارته.. 

  أنت تتألم وتتلوى، والآخر يقوم بإجراءات التسجيل ومن ثم مساعدتك للدخول إلى الطبيب، بحسب الإجراءات المتبعة، وبحسب حالتك إن كانت تستدعي تخطي الأدوار والأرقام أم تنتظر كبقية المتألمين والموجوعين بالطوارئ..  وإلى هنا لا جديد أذكره، وكلنا مر ربما بالموقف هذا مرة أو مرات.. فما هو غير المألوف؟ 

   غير المألوف في قصتنا، ليس في ذات القصة بل في أمر آخر مرتبط بها بشكل عام، وبمعنى آخر، هناك مستشفى في سنغافورة، وجد المسؤولون أن هناك مرضى يقصدونهم من أماكن بعيدة مستخدمين القطار، ولأن المحطة بعيدة عن المستشفى أيضاً والمرضى يعانون في الوصول، علاوة على ما هم عليه من معاناة، قرر مسؤولو المستشفى أن يتم توفير «خدمة توصيل العملاء» أو المرضى إن صح التعبير.


   فكرة الخدمة تتلخص في توفير خدمة توصيل المرضى عن طريق إنشاء مكتب بالمحطة مهمته استقبال المرضى القاصدين المستشفى، يقوم بتوصيلهم إلى مقصدهم واستثمار وقت الرحلة من المحطة إلى المستشفى بعمل الإجراءات الروتينية المعروفة، سواء الإدارية أو الطبية، حتى إذا ما وصل المريض المستشفى يكون جاهزاً للعرض على الأطباء وعلاجه، ومن ثم إعادته إلى المحطة مرة أخرى !


   الفكرة غير مألوفة، إذ إن المألوف هو أن تقوم المطاعم مثلاً بمثل هذه الخدمات على الأغلب، لكن أن يقوم مستشفى بتوفير مثل هذه الخدمة، فهذا أمر خارج عن المألوف..  حتى لو أن الخدمة برسوم، فلأنها أمر مرغوب، والمريض الذي يجد مثل هذه الخدمات تُقدم له، فالمتوقع هو عدم تردده لحظة في دفع رسومها..  فهو يكون قد تخلص من ثلاث مشكلات تقريباً، أولها البحث عن موقف للسيارة، وقبل ذلك مشكلة زحمة الطريق إلى المستشفى، وثالثاً وأخيراً مشكلة الانتظار ريثما يتم الانتهاء من إجراءات المستشفى الإدارية وغيرها.


    الأمر بسيط جداً وليس بذاك الأمر العظيم الذي يصعب تقليده أو استنساخه وتطبيقه في أي مكان.. كل ما في الأمر أن مسؤولي المستشفى أخرجوا عقولهم بعض الشيء للتفكير خارج الإطار وخارج المألوف والمعتاد، فكان الإبداع.. والإبداع لا يحتاج الملايين من الريالات أو الدولارات، إنما بعض الخروج عن قواعد وروتينيات وبيروقراطيات اتخاذ القرار في غالبية مؤسساتنا الحكومية..  وهذه فكرة كنموذج لمئات الأفكار المحيطة بنا هنا وهناك، نقدمها إلى كافة مستشفياتنا الحكومية والخاصة.. 


فمن يكون أول المستنسخين لها ؟

ليست هناك تعليقات: